منشورات جديدة

سيرة بن هشام في تحريف الإسلام

💬تاريخ التدوين بين الأسطورة والحقيقة:

🌟أين اختفت 200 عام الاولى من تاريخ الاسلام؟

إذا كان عمر الاسلام 1400عام, فإن عمر السنة النبوية 1200عام فقط، أي أنها دونت مع كتاب للسيرة، وهو كتاب "سيرة ابن هشام". الذي خرج للضوء بعد 200 عام من وفاة الرسول...

فعندما نقول 200 سنة لتدوين السنة، و بعد وفاة صاحبها. فلا بد لنا أن نستحضر البعد الزمني الطويل، وحركة المجتمعات في حقبة عرفت بالتداخل والإختلاط بين الامم على إثر الفتوحات، وما لذلك من تأثير على مصداقية عمليات التدوين، والمدونات الحديثة التي تصدت لمهمة حفظ السنة. وتحقيق طفرات هائلة في تاريخ الانسانية.

🌟تاريخ مراحل التدوين 

فلنتامل قليلا هذه الكرونولوجية، لتاريخ بداية حركة التدوين في التراث الاسلامي، بالتقويم الميلادي :
👈570  السنة التي ولد فيها الرسول...
👈610  بداية نزول الوحي...
👈622  الهجرة من مكة للمدينة...
👈624  تغيير القبلة من بيت المقدس لمكة...
👈632 وفاة الرسول...
👈650 جمع القرآن من طرف عثمان بن عفان...
👈756 تدوين سيرة بن اسحاق التي حولت فيما بعد لسيرة بن هشام...
يظهر جليا هنا الفرق الزمني الشاسع بين وفاة الرسول، وبين تدوين أول كتاب، وصلنا عن سيرته " سيرة بن هشام ".

و الذي يعتبر أقدم وثيقة تؤرخ وترسم معالم حياة الرسول. لا تقل عن قرنين من الزمن، الشيء نفسه يتعلق بالسنة والحديث النبوي، فالبخاري لم يؤلف صحيحة إلا بعد مضي 200 عام من وفاة الرسول، بل حتى التفسير ظهر مع الطبري في القرن العاشر، أي بعد ثلاث قرون من موت الرسول...

🌟سيرة بن إسحاق 

أما عن سيرة بن إسحاق. فلم يظفر أحد حتى يومنا هذا بنسخة منها، فليس بالمكتبة الاسلامية كتاب أو مخطوطة، أو بقية من صحاف لتلك السيرة يؤكد صحتها. والتي كتبها بن إسحاق بطلب من الخليفة العباسي "المنصور". والذي كان هدفه من وراء كتابتها، رغبة سياسية.

وهي إعطاء الشرعية لحكمهم، بانتسابهم لبني هاشم. أي إثبات نسبهم للرسول، كتلميع لصورتهم التي اهتزت بعد المجازر التي ارتكبت، في الإبادة التي تعرض لها  بني أمية.

لكننا نملك فقط مقتطفات منها أو مختصرا لها، والذي اختصره ابن اسحاق نفسه، بعد ان امره المنصور بذلك، و هو نفس ما أخذه ابن هشام من بعده. و دونه وعرف بعد ذلك في التاريخ الاسلامي بسيرة بن هشام...

🌟حقيقة سيرة بن هشام

و قد اشار بن هشام، أنه اصطفى من سيرة بن اسحاق فقط الاحداث التي سمحت له السلطة بتدوينها، و ضرب عرض الحائط بالباقي.

المشكلة إذن هي أن العقيدة الإسلامية مرتبطة بابن هشام. الذي نجده في التاريخ متدلي دون دليل يبرر ذلك. كيف إستطاع ان يعرف بدقة ذلك التسلسل الزمني والتاريخي للرسول، خصوصا بعد مرور قرنين من الزمن، هل كان ثقة وصادقا فيما دونه.

ولنفترض ان هذا الشخص منزه عن كل شك. فأصل كل سيرته ماخوذة من سيرة إبن إسحاق.

فكل ما نعرفه عن الرسول وغزواته وازواجه وأصحابه وطباعه، وكل تلك القصص النبوية والملاحم. وكل ما التصق باذهاننا من تصورات عن تلك الحقبة من رموزها واحداثها. مأخوذ من سيرة بن هشام باجماع من المسلمين و المستشرقين !!!

🌟حقبة القصاصين والحكاوي.

و للإشارة فقد كتب بن اسحاق سيرته، في نفس الوقت الذي كتبت فيه قصة الف ليلة و ليلة. وذلك في النصف الثاني من القرن الثامن. أي فيما عرف بزمن الحكائين.

فقد كثر فيه التأليف الذي يغلب عليه الخيال، فكانوا يجلسون على المقاهي والمساطب. ويحكون قصص لا تمت للواقع بصلة.

و هنا تكمن المشكلة، إذ أصبحت العقيدة الاسلامية مرتبطة بابن هشام. وتلك الحقبة الزمنية الغامضة، والمليئة بالقصص والخرافات. والشكوك التي تحوم حولها. 

🌟علاقة سيرة بن هشام بابن إسحاق 

وكيف وضعت سيرته المقتبسة من سيرة بن اسحاق، وهل كان نزيها في نقل ما دونه الرجل، والذي لا توجد مخطوطة تثبت سيرته، وحتى وإن كان ابن هشام منزها عن كل نقيصة.

إذن الأصل الذي اخذ عنه، وهو سيرة بن اسحاق. كان محط انتقاد من الفقهاء و المحدثين أنفسهم. وعلى رأسهم الإمام مالك، والذي طعن وبقوة في سيرته. و ماذا عن 200 عام الفاصلة بينه و بين عصر النبوة...

أليست هذه المدة كافية لتضيع فيها الأحداث مع مرور الأيام، وخصوصا تلك الفترة عرفت تقلبات كثيرة، وفتوحات من الشرق إلى الغرب. وأحداث دامية وصراعات على السلطة. وتيارات عديدة، وكل تيار له أسانيده.

وقد تداخلت فيه الحقائق بالأغاليط المغرضة، وإختلقت الوقائع وزور التاريخ، والذي يكتبه المنتصر. خصوصا وأن تلك الأحاديث، لم تجد شاهد عصر يفنذها او يزكيها  !!!

🌟أسطورة البخاري وتكملة التدوين

اما بالنسبة للذين دونوا السيرة النبوية. وجمعوا الأحاديث المنسوبة للرسول. وبعيدا عن ابن هشام. يعني صديقنا الأسطوري (البخاري). والذي تحوم الشبهات والأساطير حول سيرته. وقد تطرقت إلى ذلك في موضوع سابق. وهو أسطورة صحيح البخاري.

فنجده قد جمع ست مائة الف حديث (600 الف). من أين جاء بها لا أحد يعلم. إضافة إلى أن الفترة الزمنية التي تفصله عن وفاة الرسول طويلة.

ثم بعد نقح تلك الأحاديث حتى صارت 7397 حديث. وقد القى ب 97% من الأحاديث التي جمع. وإحتفظ فقط ب 3% منها. وهذه النسبة هي التي تملأ المجلدات التسعة. رغم أن هذه العملية تحتاج إلى جهاز كمبيوتر متطور، حتى يخزن فيه كل تلك الأحاديث، ثم تنقح بعد ذلك. وكيف سنصدق طريقة إختياره وتصحيحه لتلك الروايات. ثم نضعها دستورا ينسخ به القرآن.

وهي المسماة الجامع الصحيح أو صحيح البخاري. الذي يعتبر جوهرة التاج في المكتبة الاسلامية. وأن كل من شكك فيها فهو كافر.

ولقد إعتمد البخاري في انتقاءه للأحاديث الصحيحة، وفي إصطفاءه للنصوص على محض الراي والحدس والفراسة، وكلها عوامل لا تخلو من الميل و الهوى ...
هذا بالطبع إن صح كل ما ذكرنا. 

🌟السيرة النبوية لماذا لم تدون؟

و السؤال الذي يطرح نفسه هنا. لماذا انتظر المؤلفون والمهتمون، بتدوين السيرة النبوية كل هذا الوقت ؟؟؟ 

هل كانت تلك الفترة تشكو من ندرة الكتاب القادرين على التدوين والتاليف ؟؟؟

كلا! بل كانت الكتابة رائجة بأسواق الوراقين، وتصطف بذلك بغداد دمشق والقاهرة. وكان الخط العربي قد تطور مبكرا، ووضعت قواعد اللغة على يد الدؤلي، ثم الحجاج الثقفي في زمن الأمويين. وتدل على ذلك مخطوطات عدن. التي اكتشفت في السبعينات من القرن الماضي.

و قد اكتشف الباحثون الذي اشتغلوا على جزء منها، انها تعود إلى عهد عثمان بن عفان، وكذلك وجدوا بعض المخطوطات بالخط الكوفي. والمطور بالشكل والتنقيط في العصر العباسي. والتي توجد نسخ منه، في متحف قصر طوبكابي في اسطمبول. والمشهد الحسيني في القاهرة و غيرها ...

وبعد ركود دام قرنين من الزمن، فجأة تتناسل كتب السير والحديث والسنن والمسانيد والمجامع والتذييلات، وتظهر هكذا على حين غرة، دون مبرر واضح...

فمن أين أتت تلك الكتب والمصادر. ومن أين هبت علينا رياح هذه الحقبة، وكيف جمعت هذه المادة ؟؟؟

لا بد من الاعتراف، أن هناك حقبة من التاريخ الاسلامي لا يعرفها عنها أحد شيئا. هناك فترة مختفية تماما من الصورة. ومفصولة عن السياق !!!

🌟الخرافة وتاريخ الإسلام

لذا لا ينبغي ان ننساق وراء الرواية السلفية التقليدية. التي تدور حول الإسناد والسماع والرواية الشفاهية، لن نحمل تلك الروايات والأحاجي التي تحدثنا على محمل الجد. 

لن نلغي عقولنا، ونصدق كتب البخاري. الرجل الآتي من بخارى. والذي امتحن في 100 الف حديث. وعرضت عليه الأسانيد والمتون فرد كل إسناد الى متنه، لا شيء يدل على ان ادمغة الاوائل بيولوجيا اوسع من ادمغتنا، ولا بأن لهم حافظة اوسع من حافظاتنا، علم الانثروبولوجيا اكد على ان جماجمهم متطابقة تماما مع جماجمنا...

لم يذكر أي تحول يذكر خلال الألفي عام الماضية، يجعلنا اقل قدرة على التخيل والحفظ والإستيعاب، بالشكل الذي يجعل جيلا من الناس متميزا بشكل لافت عن غيره، خصوصا و أننا لم نسمع عن تلك القدرة، من الحفظ والتخيل في زمنهم في بقاع أخرى، كالصين مثلا او اوروبا او غيرها...

خلاصة الموضوع ،كيف بآلاف الأخبار العابرة للقرون، عبر أجيال من البشر، عاشوا مئات الأميال بعيدا عن مهبط الوحي. وجاؤوا بعد مئات السنين من موت الموحى اليه ان تكون صحيحة ...

هي معادلة صعبة، وكذبة تطورت مع الزمن، وورثت عبر مئات السنين. حتى أصبحت حقيقة وواقع من الصعب تغييره. والناس لا تحب سماع العكس، رغم أن التاريخ وكتبهم نفسها تأكد العكس، فهو بمثابة الطعن في عقيدتهم.


 إقرأ أيضاً:👇👇

👈الصلاة وتاريخها

👈ابو هريرة راوي الخرافات


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-