منشورات جديدة

العطاء والخير والمجتمع

💬الكون والعطاء بدون مقابل

🌟العطاء في الكون

إذا تأملنا في الكون سنجد الكل ينتج ويعمل من غير مقابل. فالشمس تضيء الأرض وتبعث فيها الحياة وهي تحترق. ولديها أوقات معينة ومحددة، حتى نستفيد منها دون ضرر.

العطاء والخير والمجتمع

وكذلك الغلاف الجوي يقوم بنفس الشيء. بحيث يحمينا من المذنبات والأشعة الضارة. وهو الأساس في الحياة التي تعم الأرض.

حتى الغابات تعمل لصالحنا من حيث الأكسجين في الأرض. وتزودنا بمنتجات عدة نستخدمها في حياتنا اليومية. والحيوانات نصطادها أو نربيها وهي تخدمنا من غير مقابل، وفي الأخير تكون نهايتها في طعامنا.

والبحار تنتج لنا من أسماك وسحب وأمطار. حتى الوردة تمر بعدة مراحل لنقطفها في الأخير ونستمتع بجمالها ورائحتها الزكية، ونزين بها بيوتنا.

🌟الحياة مبنية على العطاء

إذن فالحياة تدور في محور العطاء وبدون مقابل. فالأرض وما فيها مسخرة لخدمة الإنسان وراحته. فالله قد سخر لنا كل شيء حتى ننعم بحياة هنيئة ونعم بدون مقابل. فنقابل ذلك بالجحود ونكران ما أنعم الله علينا. ونتعامل مع كل هذه النعم بالجفاء. نلوث الطبيعة ونختلق حروب وصراعات، فأهلكنا الأرض وخربنا النعم. حتى الغلاف الجوي لم يسلم من أيدينا. وتغيرت النظم من إرتفاع مستوى البحار على سطح الأرض، وكثرت الأمراض والأوبئة.

فالكون مبني على العطاء. ودوران الكرة الأرضية كله عطاء. فإذا أحببت أن تنعم بحياة سعيدة فعليك أن تتقيد بنظم الكون. وأن تعطي حتى تنعم.

🌟فعل الخير وآثاره النفسية

فالدراسات الحديثة أثبتت ان عدة حالات من الأمراض النفسية عولجت بالصدقة والعطاء، وبالأعمال التطوعية والإنسانية. فتنتشي النفس بلذة تنعم على صاحبها بالراحة النفسية، التي هي أفضل النعم.

لذا فكل الأشخاص الذين يكثرون من الأعمال الخيرية، تجد لديهم توازن نفسي وإشراقة وفرحة تغمر صدورهم. فلذة العطاء أفضل بكثير من لذة الأخذ. واليد العليا خير من اليد السفلى. لذا فقد قال الرسول الكريم. داووا مرضاكم بالصدقات.

فما ذكرت هو العلاج. فما تقدمه باليد اليمنى تأخذه باليد اليسرى. فلا يضيع أجر الكريم ولا ينقص مال بالصدقات بل على العكس يزيد ويبارك الله فيه. فتنال غنى النفس والحال ونعيم الآخرة. فتحقق كل شيء.

🌟القرآن ودعوته للخير الغير المشروط

ونجد أن القرآن مليء بالأمثلة لكل من يريد أن يتعظ. فإن لم تدفع طواعية ستدفع ذلك عنوة. فتبتلى بأمراض ومشاكل ستدفع فيها الكثير. ولو كنت أعطيت عن طيب خاطر ما كنت تعرضت لكل تلك الأزمات. فلا يمكن ان تنعم بكل ما هو حولك ويدك مغلولة إلى عنقك. وهناك أمثلة عديدة نجدها من حولنا. ولكن مع الأسف لا نعيرها أي إهتمام. ولا يعلم تلك الإشارات إلا أصحاب العقول.

قال تعالى:

"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ"

صدق الله العظيم 

فنجد في هذه الآيات ان الصدقة والعطاء من أساسيات دخول الجنة. وأنه طلب تأخير أجله حتى يتصدق ويفعل الخير. ولم يذكر الله لا صوم ولا صلاة ولا حج. بل جعل الله الصدقة في المرتبة الأولى، ومن أساسيات الرحمة والمغفرة ودخول الجنة.

🌟الدول الغربية والاعمال الخيرية

فالدول الغربية نجدهم يتحلون بروح المساعدة وكثرة الأعمال التطوعية. يبنون بلدانهم ولا يسمحون لطاغية أن يحكمهم. فيعم الرخاء ويقل الفقر والجهل. ويستقبلون المهاجرين ويعاملونهم أفضل بكثير من ما كانوا عليه في أوطانهم.

🌟الفرق بين أمريكا وأوروبا 

وفي المقابل، الولايات المتحدة الأمريكية رغم الأجور العالية، وما فيها من رفاهية. إلا أن نظامها الرأسمالي المبني على القوة. نجد فيها تفشي الفقر والصراعات بين السود والبيض مع كثرة الجريمة. وكل الدراسات أثبتت، ان النظام الإجتماعي الجيد الذي يعم في أوروبا هو الأفضل. وهو السبب في تقدمه الإجتماعي والإقتصادي مع التآزر والعدل.

أما أمريكا فلا يعيش فيها إلا القوي والذي يعرف كيف يستغل الفرص ومن أين تأكل الكتف كما يقال. والكل يبحث عن مصالحه الشخصية. وهذا من أسباب وجود الطبقية. فهي قوية إقتصاديا وهشة إجتماعيا.

🌟الخلل الإجتماعي في المجتمعات العربية والإسلامية.

أما بالنسبة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية. فتخلف القواعد كليا. دين يحث على الرحمة والعدل، ورغم ذلك تجد الفقر والصراعات الطائفية. والأغلبية يفكرون في مصالحهم الشخصية.

فالحكومات طاغية تنهب ثروات البلدان. ومسؤولون مرتشون إنعدمت من قلوبهم الرحمة والإنسانية. فتجد نتيجة كل هذا شعوب متناحرة حاقدة وساخطة. ويستغلون بعضهم البعض. تركوا القرآن ويعيشون تحت جناح دين بشري وديكتاتوري. كل طائفة تطمح ان تكون المسيطرة. وبالتالي ضعف العطاء وكثر التنافس عن الأفضلية.

🌟سوء فهم الدين

فمن يفجر نفسه لينعم بالجنة ويرسل الآخرين إلى جهنم على حد زعمه. فهو يريد أن يحرم الناس حتى من آخرتهم. وفي الحقيقة يحرمها على نفسه. فالنظم والقوانين الإلاهية مختلفة تماما. والله لم يكلف أحدا لينوب عنه في الأرض. ليطبق مفاهيم مغلوطة حتى أصبحت دينا.
أين هو العطاء في أفعالهم وهم يبحثون عن الأذى من قتل وسبي وقطع اليد. يتحدثون عن السماحة وأفعالهم كلها إجرام. أما النساء فهم اصفار على الشمال في مجتمعاتهم، لإرضاء شهواتهم ولخدمتهم وتغليفهم.
لذا فتصرفات المرأة هي رهينة قرارات الرجل، من عمل ودراسة وخروج وزواج. فالمرأة تعاني معاناة حقيقية. لذا فقد قل العطاء وأصبح العرب والمسلمون في ذيل الأمم. فكل ما ذكرنا صنع نظام إجتماعي فاشل. ويزوقونه بكلام معسول مع باطن كله إستبداد وظلم. ورجال دين شوهوا الإسلام، ويخدمون مصالح حكامهم.
قال ابن خلدون:

الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها. وإن الانسان إذا طال به التهميش يصبح كالبهيمة لايهمه سوى الأكل والشرب والغريزة. 

وقد قال أيضا:

لو خيروني بين زوال العبيد والطغاة. لإخترت بدون شك زوال العبيد. فهم من يصنعون الطغاة.
لذا فالذي لا يقتل ولا يسرق ولا يزني خشية من النار. قادر أن يفعل أبشع من كل هذا لدخول الجنة.

🌟خلاصة الخير والعطاء 

بإختصار لو كان هناك مجتمع رحيم متآزر مع بعضه. لما كان هناك طغاة. فما يضرك يضرني. وما أعانيه اليوم سيأتي عليك الدور يوما وتعانيه.

فالعطاء ليس أن تعطي ما تبقى لك من فتات لتتصدق به. العطاء هو المساعدة بكل ما أعطيت ومن ما تحب  لتدخل السعادة على قلوب الآخرين. ان تسعد برؤية السعادة في وجوه الناس. أن تكون إنسانيتك هي الدافع وليس الدين. أن يكون عطائك بدون مصلحة خفية وشخصية.

قال تعالى:

"لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"

صدق الله العظيم


قال تعالى:

"الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"

صدق الله العظيم.


لذا فالعطاء يجب أن يكون في كل الأحوال. وأن لا يكون مقيدا بظروف. 

فلنحاول إسعاد أنفسنا بالكرم والعطاء والتلاحم. ونصنع مجتمعا نافعا صالحا، أسسه الخير والرحمة. كجسد واحد إذا إشتكى منه عضو تألم له باقي الجسد.


 إقرأ أيضاً:👇

👈القضاء والقدر

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-