💬من هو ابن خلدون؟
ابن خلدون، هو ولي الدين عبد الرحمن ابن محمد بن محمد بن أبي بكر محمد بن حسن بن خالدين، من مواليد 27 مايو، 1332 في تونس. وتوفي ابن خلدون في عام 1406، يعتبر أعظم مؤرخ عربي، والذي طور واحدة من أقدم الفلسفات غير الدينية في التاريخ، الواردة في تحفته المقدمة، كما كتب تاريخاً مهما وشاملا عن شمال أفريقيا المسلمة.
وتعتبر كتب ابن خلدون منهج أساسي يدرس في الغرب، وتم استخدامه في بناء العديد من كتب التاريخ. ووضع أسس العلم الاجتماعي الحديث.
🌟نبذة عن حياة ابن خلدون
شغل أسلاف ابن خلدون العديد من المناصب العليا في الأندلس، وهاجروا إلى تونس في وقت لاحق، في حين أن بعض أفراد عائلة ابن خلدون، شغلوا مناصب سياسية في عهد الأسرة الحفصية التونسية، إلا أن والده وجده انسحب من الحياة السياسية، وذلك من أجل اتباع نظام بعيد عن السياسة.
وكون ابن خلدون من عائلة عالية المستوى، تلقى تعليما جيدا. تم تعيين أفضل المعلمين في المدينة لتعليمه، وتعلم قواعد اللغة، والفقه والحديث، والخطابة، وأصول اللغة والشعر، كما تضمن تعليمه الإسلام الكلاسيكي، من دراسة القرآن والعلوم الدينية، وقد حفظ القرآن عن ظهر قلب. وكان متفوقا في جميع هذه المواضيع.
كما تلقى دروسا في الرياضيات والفلسفة من أبيلي تلمسان الشهير، الذي علمه أيضا المنطق، وعرفه على أعمال ابن سينا والرازي.
ضربت المأساة عائلة الصبي الصغير ابن خلدون، عندما توفي والديه خلال وباء الطاعون، العابر للقارات، والذي ضرب تونس في 1348-1349، تاركا ابن خلدون يتيما في سن 17 عاما.
🌟المناصب التي شغلها ابن خلدون
وبما أن العديد من أجداد ابن خلدون شغلوا مناصب سياسية، فقد دخل هو أيضًا في نفس المهنة، وعندما دعاه ابن تفركين حاكم تونس، والذي كان هو الحاكم الفعلي. وحامل ختم السلطان أبو إسحاق الأسير، أتيحت له الفرصة لتجربة العمل الداخلي لسياسات المحاكم.
بعد بضع سنوات، و بالضبط عام 1352، زحف إلى تونس ابو زياد سلطان قسطنطين واستولى عليها، وفي ذلك الوقت، كان ابن خلدون خائب الأمل في وظيفته، فرافق معلمه أبيلي إلى فاس، وفي فاس تم تعيينه ككاتب للإعلانات الملكية، تحت إدارة السلطان ابو عنان فارس الأول. وبعد ذلك اتهم بالتآمر في 1357، وحكم عليه بالسجن لمدة 22 شهرا.
تم منحت له الحرية في عام 1358، وأعيد إلى رتبته ومكانته بعد وفاة أبو عنان، ثم خطط ضد الخليفة أبو عنان، مع عمه سالم المنفي، فتولى بعدها العم أبو سالم المنفي السلطة، وكعربون الاعتراف بولاءه لابن خلدون، جعله وزيرا.
وفي هذا الوقت كان قد بدأ الاستمتاع بمهنته، كما طور اهتمامه في كتابة وتأليف العديد من القصائد، وفي نهاية المطاف ارتقى إلى منصب رئيس المحكمة العليا، وهو منصب أظهر فيه قدرة كبيرة.
🌟أشهر أعمال ابن خلدون وتأثيرها على الغرب
أشهر أعمال ابن خلدون هو "المقدمة"، المعروفة أيضا باسم "مقدمة ابن خلدون". والتي سجل فيها رؤية مبكرة للتاريخ العالمي، ويعتبر هذا العمل من قبل بعض المفكرين المعاصرين، كأول عمل يتطرق إلى فلسفة التاريخ، أو العلوم الإجتماعية، المسمى حاليا بعلم الاجتماع، ويشمل الديموغرافيا، والتاريخ الثقافي، والداروينية الاجتماعية والماركسية، والاقتصاد.
تم اكتشاف ابن خلدون وتقييمه وتقديره بشكل واسع، وكان ذلك في القرن التاسع عشر. وبالضبط في المنحة الأوروبية، وهناك اعترف به العلماء الغربيون، كواحد من أعظم الفلاسفة الذين خرجا من العالم الإسلامي.
وسعى بن خلدون إلى كتابة تاريخ العالم ممهد، وذلك بمجلد أول، يهدف فيه إلى تحليل الأحداث التاريخية، استند في كتابه على نهج فريد، وتحليلات قيمة للمجتمع والسلطة. وأصبح تحفة في الأدب، وفي فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع.
وكان الشاغل الرئيسي لهذا العمل الضخم، هو تحديد الحقائق النفسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، التي تساهم في تقدم الحضارة الإنسانية وتيارات التاريخ، وفي هذا السياق، قام ابن خلدون بتحليل ديناميكيات العلاقات الجماعية، وأظهر كيف أن مشاعر الجماعة والعصبية، تؤدي إلى صعود وظهور حضارة جديدة، وقوة سياسية.
وقد وضح بدقة، التكرار الشبه الإيقاعي للارتفاع والهبوط في الحضارات الإنسانية، وحلل أيضًا العوامل التي ساهمت في ذلك، وتتميز مساهمته في التاريخ، أنه إعتمد على عكس معظم المؤرخين السابقين. الذين فسروا التاريخ إلى حد كبير في سياق سياسي، فجاء بن خلدون. فأكد على أن العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية، هي التي تحكم الأحداث الظاهرة.
وأحدثت هذه التحليلات ثورة في علم التاريخ، ووضع أيضا أساس علم الاجتماع، وذلك بمجلدات أخرى من تاريخ العالم. حيث قارن بين تاريخ العرب والحكام المسلمين المعاصرين، موازاة مع الحكام الأوروبيين المعاصرين.
ثم تطرق ابن خلدون إلى التاريخ القديم للعرب واليهود واليونانيين والرومان والفرس، إلخ، وأيضاً إلى التاريخ الإسلامي والتاريخ المصري وتاريخ شمال أفريقيا، وخاصة البربر والقبائل التي تعيش في المناطق المجاورة.
🌟نظريات ابن خلدون
في كتاب المقدمة، شرح طريقة المنطق والعلوم، وقدم بحثه على أساس النتائج التحليلية للمجتمع. والتي تشير إلى أن هناك علاقة وثيقة بين التاريخ والأحداث السياسية والاجتماعية، وأنها تعمل على أساس علاقة السبب والنتيجة.
نظرية المجتمع الريفي والحضري: وصف بعض شخصيات المجتمعات البشرية، بالمجتمعات الحيوانية. والحاجة إلى الحاكم أو القائد الأعلى لها، لأن لديهم لديهم عصبية قوية.
👈المجتمع ككائن حي:
بحيث شبه المجتمع ككائن حي. وان الكائنات الحية تتألف من أجزاء من الجسم، وأن المجتمع يتكون من ثقافة وشعب، كلاهما يمكن أن يمرض، أو يكبر، وكلاهما يمكن أن يموت، وكليهما يشعر بالألم عندما يتأذى جزء واحد.
👈التغيير الاجتماعي:
المجتمعات التي تفقد العصبية، محتم أن تخضع للتغيرات، هذا التغيير هو عملية دورية، حيث توجد مراحل ثابتة، كل مرحلة تستغرق 40 عاما، ومجموعها 120 عاما، ولكل مرحلة خصائصها الديموغرافية والاقتصادية والدينية والسياسية، التي تقوم على النمو والتطور والتدهور.
🌟ابن خلدون أبو علم الاجتماع
النتائج التي توصل إليها ابن خلدون في التغيرات الاجتماعية، والتي تطرأ على أي حضارة أو دولة، أما مفهوم العصبية الذي تطرق إليه في مقدمته، أعطاه وضع أبو علم الاجتماع، حيث صاغ مصطلح العمرانية، وقدم منهجه العلمي والمدروس بغاية الدقة.أما في مجلده الأخير، وهو التعريف بابن خلدون شرقا وغربا. فقد تعامل فيه إلى حد كبير مع أحداث حياته الخاصة. وقد كتبه أيضا بطريقة علمية، وبدأه بتحليل جديد في فن كتابة السيرة الذاتية،
وقد ظل ابن خلدون متاثرا بمواضيع التاريخ وفلسفة التاريخ، وعلم الاجتماع والعلوم السياسية، وكان التعليم يحتل المقام الأول بالنسبة إليه طوال حياته.
وقد ترجمت كتبه إلى العديد من اللغات، سواء في الشرق أو الغرب، وألهمت التطور اللاحق لهذه العلوم، على سبيل المثال، اعتبر البروفسور غوم بلوز و كولوسيو، أن مقدمة بن خلدون متفوقة على دراسة الأمير، الذي كتبه مكيافيلي بعد قرن من الزمان، حيث تطرق أكثر إلى العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
🌟خلاصة عن بن خلدون
يعتبر الكثيرون أن فكر بن خلدون رهين بالفترة الزمنية التي عاشها. ولا ينطبق فكره مع واقعنا الحالي. وقد يرى الأخرون أن الغزوات البدوية لا علاقة لها بعصرنا الحالي. وبالطبع إن فكرته تظل نظرية.
ولكن بن خلدون بنى افكاره من خلال دراسة معمقة للحاضر والتاريخ. فبنى عليها تنبؤات مستقبلية. وخصوصا تطرقه إلى جانب الحضارات، وأنها لا تدوم إلى الأبد.
وتطرقه عن سبب صعود وهبوط اي حضارة، ظلت مرجع. وتطابقت مع حضارات جاءت من بعده. وهذا دليل على أن تنبؤاته المستقبلية كانت لديها هامش كبير من الأصحية. فقد بنيت على دراسات في غاية الدقة والتحليل.
ورغم ان اليوم تتفاعل المجتمعات بطريقة مختلفة. خصوصا مع ظهور الإنترنت والتقدم العلمي، وموازين القوى إختلفت، بحيث ان العلم أصبح هو العامل السائد. وإختلفت وسائل الحرب والسيطرة في الثورة الإقتصادية، التي يشهدها العالم. إلا أن نظرياته لم تفقد بريقها. وظلت تنطبق على مجتمعاتنا.
لذا فالمجتمع يظل هو نفسه، رغم تطور الوسائل المستعملة. فالغرائز والعصبية، والبدور والحضر مازالت سائدة. ويتجلى ذلك بوضوح، في التغيرات التي طرأت على المجتمع العربي والإسلامي. والإنفتاح الذي كان عليه في اواسط القرن العشرين. والتراجع الذي طغى عليه الآن.
وان العصبية القبلية والدينية التي طغت على مجتمعاتنا في السنين الأخيرة. دليل على ان الدين هو من الركائز المتحكمة في المجتمعات. وخصوصا عند العرب.
وقد تطرق بشكل مفصل بن خلدون في مقدمته عن هذا الباب. لذا فنظرياته قائمة رغم إختلاف الوسائل والطرق. فقد سبق زمانه بفكره، وكيف لا وهو من أسس علم الإجتماع، الذي يدرس في أرقى الجامعات العالمية. وهو السلاح التي تستعمله اغلب السلطات في السيطرة على الشعوب.
إقرأ أيضاً: