منشورات جديدة

بلد العميان وسياسة القطيع

💎قصة من الأدب العالمي

قصة قصيرة, تم نشرها لأول مرة في مجلة إنجليزية سنة 1904. ويحدثنا فيها كاتب القصة، عن مرض غريب إنتشر في جبال الأنديز، بقرية نائية معزولة تماما عن العالم. تعيش من مواردها الخاصة، دون اللجوء إلى أي مكان. وذلك يعود لبعدها الكبير عن أي مجال حضري.

بلد العميان وسياسة القطيع

ومنذ إصابتهم بالعمى لم يغادروا قريتهم قط. وحولوا التأقلم والتكيف مع وضعيتهم الجديدة. ثم توالت الأجيال بعد ذلك، وأنجبوا أولادا عميان، وبقوا على هذه الحال. وكل أهل القرية من العميان، ولا يوجد بينهم مبصر واحد. حتى لم يعد لهم علم بشيء إسمه الإبصار.

🌟المتسلق نيونز وجبل الأنديز

وفي يوم من الأيام ، حاول أحد هواة التسلق والذي يدعى (نيونز)، الوصول إلى قمة جبل الأنديز. فإذا به ينزلق على الجليد الذي يغطي الجبل. فتدحرج إلى السفح. فإذا به في قرية العميان. لحسن الحظ لم يصب بأذى، إلا من بعض الكدمات الطفيفة. بعدما بقي عالقا في إحدى أغصان الأشجار. 

🌟نيونز وقرية العميان

فوجد نفسه نيونز في قرية العميان، ومنذ الوهلة الأولى، لفت إنتباهه أن البيوت بدون نوافذ. ومبنية بطريقة عشوائية. وغير مطلية وتبدو مثل الجحور.
فقال باستغراب : أظن أن من بنى هذه الجحور شخص أعمى.
فتوغل في داخل القرية، ثم بدأ في المناداة بحثا عن القاطنين بها. ثم بعد ذلك لا حظ أنهم يمرون بجانبه دون الإلتفات إليه. فعلم وقتها أنهم فعلا لا يبصرون. وأنه في بلد العميان.
ثم بعد ذلك حاول التعرف عليهم معرفا بنفسه. يعني كيف وصل، والظروف التي أوصلته إليهم.
واستفسر عن سبب عماهم. فاستغربوا من السؤال. ولم يفهموا فحوى كلامه. فأخبرهم أنه يبصر وأن الناس في بلده يبصرون.
فبدأو بالضحك مستغربين من قوله. وهم يتسائلون؟ عن معنى يبصر؟ وكيف يفعل ذلك؟ وبأي طريقة يبصر؟
فعمت سخرية القوم به وكأنه مجنون.
وهو يحاول أن يأكد لهم، بأن المكان المحيط بهم هو يراه.
وبدأ في وصف المكان حتى يصدقوه.
ولكنه فشل في محاولة إفهامهم معنى البصر. وكيف لهم أن يفهموا معنى البصر وهم لم يبصروا قط؟
فأخبرهم وقتها أن لهم أيضا عيونا، فقط هم لا يبصرون بها. 

فلما أخبرهم بذلك هجموا عليه محاولين إقتلاع عينيه. وهم غاضبون من كلامه. غير مقتنعين بما يقوله. وأنه أتى بمفهوم جديد، سيغير مفهوم نمط حياتهم الذي تعودوا عليه.

🌟نيونز وأمير البلدة

فقادوه إلى أمير بلدتهم لينظر في أمره، والذي حاول الإستفسار عن قصته أولا. ثم بعد سماع أقواله.

قال له أمير البلدة :
حتى لو كان ما تقول صحيحا. فهو بمثابة طعن في ما عشنا عليه. ولن يقبل أحد بعد ذلك عماه. وسيتمرد أهل البلدة على واقعهم. لعلمهم أن هناك شيئا إسمه بصر، يعني سيعلمون أنهم مرضى ومعاقون. فسيزول الرضا الذي يعيشون فيه. وسيحاولون الخروج من قريتهم بحثا عن العلاج في مكان آخر حتى ينعموا بالبصر الذي تتحدث عنه. وسيزول الأمان والسلم الذي نعيش فيه.

لذا سأقتلع عينيك حتى تصبح مثلنا. ويعود الأمان الذي كان يعم بلادنا قبل مجيئك. 

ولحسن حظ بطل قصتنا أنه مبصر. فتسلل هاربا بهدوء. وهم يحاولون البحث عنه في كل أرجلء المكان دون جدوى. فهو مر بجانبهم، وبكل هدوء تسلل من بيت رئيس البلدة إلى الخارج. وهناك أصبح من المستحيل معرفته. فهو يتجول بجانبهم دون رؤيته. حتى إن أحسوا به، فكيف لهم أن يميزوه من سكان القرية إذا ظل صامتا. فنجى بنفسه وكأنه صحا من كابوس. 

🌟قصة نيونز وعالمنا الإسلامي.

هي قصة ذو معاني عميقة. وهذا هو واقعنا الإسلامي مع الأسف. المبصرون قليلون وسط مجتمع من العميان. وإذا حاولت إفهامهم ما هم عليه. انقلبوا إليك شاتمين، فأنت خرجت من قطيعك، وغيرت قواعد اللعبة. وبالتالي أصبح دمك حلال عليهم، لأنك ستخرجهم من عماهم الذي تعودوا عليه.

وهذا ما فعلوا مع عدة مفكرين كفرج فودة وغيره. إضافة إلى ما يحصل حاليا من ازدراء الأديان. فإما أن تكون معهم، أو تحارب بكل الطرق. فيستغلون الديمقراطية ليقمعوا صوتك عن قول الحقيقة. فأنت تشوش منام القطيع.

وربما صحا القطيع من منامه. فينغص ذلك على عيشهم، ويهدد عروشهم التي بنوها على جهلهم. مستمتعين بحياة يملأها البدخ. مستغلين التبعية التي تعيشها الأمة.

🌟الأمة النائمة والصحوة المرتقبة

فورثت الخرافات قرونا حتى أصبحت واقعا مسلم به. وألبسوا مؤليفينها ثوب القادسة. وأنهم كانوا أشخاص غير عاديين وخارقين. ومذاهبهم وكتبهم مقدسة لا يمكن الطعن فيها. رغم ما تحتويه من افتراءات. ومن وضعوا كل هذا، جاءوا بعد وفاة الرسول بمدة طويلة. ولماذا لا يمكن وجود أشخاص مثلهم في وقتنا الحالي. رغم ان تركيبتهم البشرية مشابهة لنا. وعلى العكس، فمجتمعنا الحالي أكثر ذكاءا وتطورا.

بكل بساطة، السبات الذي تعيش فيه الأمة الإسلامية يخدم مصالحهم. فيغذون تلك المذاهب حتى تظل. ففببقائها بقائهم. وشيوخ الفتنة هم الأبواق التي يستعملونها حتى يظلوا على عماهم. وكل صوت شاذ هو بمثابة كافر او مرتد، ويجب أن يستأصل في المجتمع.

فيقمع صوته بشتى الطرق. إلا أن قواعد اللعبة إختلفت. ففي السابق كانوا يتحكمون في منصات الإعلام، فلا تصل أصوات المعارضين إلى الناس. أما اليوم فقد إنتشرت مواقع التواصل، والتي لا قبل لهم عليها.

فتصل الأصوات المعارضة إلى كل أنحاء العالم. فمن يعيش في بلدانهم فهو مهدد. ومن فر خارج ذلك النظام المستبد. إلى مكان آخر أكثر حرية. فهو في أمان وليقل ما شاء. وصوت المبصرين سيصل إلى الناس رغما عنهم. فحجتهم ضعيفة لتبرير خزعبلاتهم، في وقت يعم فيه نور العلم في كل مكان.


إقرأ ايضاً:👇

👈مواقف أخلاقية

👈قصص تحفيزية من حياة المشاهير


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-